ارجو قراءه الموضوع صراحه يستاهل الاطلاع
تتعامل المجتمعات البشرية مع قضية الجمال بصفة عامة بطرق مختلفة تتسم بالنسبية، فلا توجد مقاييس ثابتة للجمال، فهو يخضع للأذواق الشخصية والموروثات الاجتماعية، وفي كثير من الأحيان يخضع للصورة الذهنية المنطبعة حول الجمال ومبرراته.
والمرأة أحد تلك الأمور التي تتناولها مسألة الجمال ـ إن لم تكن هي الأهم ـ والملاحظ أن النظرة الجمالية للمرأة في أغلب المجتمعات الحالية تتعلق بجمال الجسد دون الروح..
أين يكمن جمال المرأة؟
لكل مجتمع مقاييسه للجمال الجسدي، بل حتى في المجتمع الواحد تختلف مقاييس الجمال الجسدي عبر تغيير المكان أو الظرف الزماني، وأكثر من ذلك الذوق الشخصي، فليس كل ما أراه جميلاً يراه غيري كذلك، والعكس أيضاً صحيح، فقد قال الشاعر قديماً في معرض وصفه لجمال معشوقته:
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
لا يشتكي قصر منها ولا طول
وقد وصف ذلك الرجل عند النبي صلى الله عليه وسلم إحدى النساء بأنها "تقبل بأربع وتدبر بثمان".. تلك مقاييس لو طبقت الآن على جمال المرأة لاختلف المعيار، فالرشاقة هي شعار جمال اليوم على العكس من السابق.
وقس على ذلك معايير الجمال في الأنف والعين والأذن والشفاه والأيدي والأرجل، في الطول والقصر.. فلكل شعب ملامحه وسماته، فهل يعقل أن نعطي نفس معايير الجمال للمقارنة بين نساء شرق آسيا ونساء إفريقيا؟ إن الحديث عن جمال المرأة بهذه الطريقة التي تتناول جسدها هو إهدار لكرامتها وحط من قدرها، فمن المسؤول عن ذلك؟
يلوم البعض الرجل ويتهمونه أنه هو من وضع تلك المقاييس ونظر تلك النظرة الحسية الجسدية للمرأة وبدأ بتقييم المرأة جمالياً من خلال جسدها، وأول تعبير عند من يتهمون الرجل بذلك أنهم يرون أكثر من ينتج ويروج لأزياء النساء وأدوات التجميل هم الرجال!
وآخرون يرون المرأة هي التي جعلت من نفسها سلعة للإعلانات والصور تعرض فيها جمال جسدها، بل وأعطت جسدها أكثر اهتمامها وجعلته المعبر عن شخصيتها من خلال المبالغة في الاهتمام بالملابس وأدوات التجميل، وكأنها لا ترى في ذاتها غير جسدها.
إنَّ تلك النظرة المحدودة لجمال المرأة، سواء من الرجال أو من المرأة نفسها تهمل الجانب الأهم من جوانب الجمال الحقيقي وهو جمال الروح: "تنكح المرأة لأربع: لدينها ومالها وجمالها وحسبها فاظفر بذات الدين.."، هكذا نظر الإسلام إلى جمال المرأة (ذات الدين) لأنه هو الباقي، فجمال الجسد لا يعدو أن يكون جمالاً مؤقتاً لا يلبث أن تغيره السنون وتجاعيد الزمن.
جمال الروح والعقل وسمو النفس هو الأهم؛ لأن التعامل مع الآخرين يتم من خلالها، وبها تنطبع الصورة الحقيقية لدى الآخر، فهل تعي المرأة حقيقة الجمال وتبذل شيئاً من وقتها ومالها الذي تنفقه في تحسين صورة جسدها وإظهار محاسنه للسمو بروحها وتطوير عقلها وتزكية نفسها؟
إنَّ المرأة المسلمة ليست بحاجة لمن يعطيها دروساً في فنون الماكياج وعروض الأزياء بقدر حاجتها للتعرف على ذاتها واكتشاف سر الجمال الروحي الذي لا يزيده الزمن إلا تألقاً وبريقاً؛ لأن العقل مع الزمن يزداد عطاؤه ويشتد عوده، أما الجسد فإنه يتجعد ويذبل.
ارجو ان ينال اعجابكم
مع تحياتي